يوم الجمعة من الأسبوع الثانى
القراءات
رو1: 19-21، 1يو2: 11-14، أع4: 19-21، يو6: 54-58
54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق. 56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.
57كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. 58هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ».
قصة: ليلة الإستعداد
قصص قصرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى - جزء 1 - قصة رقم 184...
دعي أحد الخدام إلى وليمة في يوم سبت مساءًا فاعتذر، ولما حاول البعض الضغط عليه ليعطي سببًا لاعتذاره قال:
عندما يلتزم طبيب بالقيام بعملية جراحية خطيرة يستعد لها قبل دخول حجرة العمليات بالتعقيم. فلا يلمس شيئًا غريبًا، ولا شيئًا سامًا.
وإنني إذ أحضر يوم الأحد لاشترك في الذبيحة المقدسة، وانطق بكلمة اللَّه أحسب نفسي طبيبًا يمارس عمليات جراحية للنفوس، لذا أحاول أن أحفظ نفسي ليلة الأحد أن أكون في حالة تعقيم تام. فلا أحمل معي شيئًا ضارًا للشعب أو سامًا.
إني أكرس ليلة الأحد لأجلس مع سيدي كما في حجرة التعقيم، استعد لخدمة شعبه في يوم الأحد
تأمل
-
اجعلني طبيبًا للنفوس، أيها الطبيب الأعظم.
-
أخدم النفوس، فتتقدس لك، انطق معك أيها القدوس قائلًا: من أجلهم أقدس ذاتي.
-
لأحملك أيها القدوس إلى نفوس أحبائي المجروحة،
-
ولا أحمل لهم سموم خطاياي الخفية.
-
اجذبني فنجري جميعًا نحوك!
الاستعداد للتناول
-
إن بمقدار استعدادنا للتناول، تكون استفادتنا منه..
-
كثيرون يتناولون.. آلاف، بل مئات الآلاف.. ولكن ليس الجميع يستفيدون نفس الفائدة الروحية!! ولنضرب مثالًا بالرسل الأحد عشر الذين تناولوا في يوم خميس العهد ومن يد الرب نفسه: واحد منهم فقط، تبع المسيح حتى الصليب، هو القديس يوحنا الحبيب، واستحق أن يكلمه الرب، وأن يعهد إليه بالسيدة العذراء قائلًا "هذه أمك" (يو 19: 27). فأخذها إلى بيته، وصارت بركة له..
-
وتلميذ من الذين تناولوا، تبع المسيح حتى بيت رئيس الكهنة. وكان قد تحمس أيضًا وقطع أذن عبد رئيس الكهنة، دفاعًا عن المسيح (يو 18: 25 – 27). ولكنه عاد فأنكر الرب ثلاث مرات!! وباقى التلاميذ التسعة هربوا وقت القبض على معلمهم وسيدهم!! والكل كانوا قد تناولوا معًا..
-
فهو من الوسائط الروحية، ولكن تختلف فائدته من شخص لآخر، حسب استعداده له..
-
كثيرون يتناولون كثيرًا، بل قد يتناولون كل يوم وفي كل قداس. وربما لا يستفيدون!! وربما من كثرة التناول بلا استعداد، قد يتحول الأمر إلى مجرد عادة، وتسقط هيبة الأسرار من قلوبهم! وغير هؤلاء قليلون يستطيعون الاحتفاظ بهيبة السر ودوام الاستعداد له.. لذلك اختبر نفسك وانظر: هل المداومة على التناول في مواعيد متقاربة جدًا، تساعدك على دوام الحرص أم لا؟ الأمر يختلف من شخص لآخر..
هنا ونسأل ما هو الاستعداد للتناول؟
-
الاستعداد للتناول بالاتضاع وبانسحاق القلب
-
الإستعداد للتناول بالتوبة والنقاوة الداخلية
-
إن التوبة لازمة جدًا للتناول. ومن أخطر العبارات التي تقال في هذا المجال في القداس الإلهي، قبل التناول:
"القُدسات للقديسين" أي السرائر المقدسة هي للقديسين.
-
لذلك يسمى القداس الذي يتناول فيه المؤمنون (قداس القديسين)، لتمييزه عن الجزء السابق له الذي كان يسمى (قداس الموعوظين). وفيه يستمع أولئك للقراءات والعظة وينصرفون قبل بداية قداس القديسين الذي يتناول فيه هؤلاء القديسون..
-
إذن يحتاج الإنسان إلى قداسة لكي يستحق التناول من الأسرار المقدسة. وهذا يذكرني بعبارة جميلة قالها صموئيل النبي لأسرة يسى البيتلحمي حينما أراد أن يقدم ذبيحة.. قال لهم:
"تقدسوا وتعالوا معي إلى الذبيحة" (1صم 16: 5).
-
وهكذا "قدس يسى وبنيه، ودعاهم إلى الذبيحة".. ليتنا نحفظ تلك العبارات ونرددها في يوم التناول، العبارات الخاصة بقدسية المتناولين من تلك السرائر المقدسة وإن لم نستطع أن نصل إلى تلك القداسة في إيجابياتها الروحية، فعلى الأقل نتقدم إلى التناول بالتوبة والاعتراف، وبعزم أكيد على ترك الخطية، والبعد عن كل الأسباب التي توصلنا إليها والتي توصلها إلينا. وإن اعترفنا بخطايانا، لا يكون اعترافنا مجرد كلام، بل يكون ندمًا حقيقيًا، وتوبة عمليه، حتى تكون أنفسنا وأجسادنا مستحقة لحلول تلك الأسرار المقدسة فيها، فنقبلها بقلوب طاهرة، ونفوس مستحقة، وأرواح متصلة بالله.. وماذا أيضًا؟
-
الإستعداد للتناول جسدياً
-
نستعد للتناول بطهارة الجسد وصومه ونظافته. ولنتذكر كمثال: استعداد الشعب لتقبل كلام الله في العهد القديم، أعنى استلام الوصايا العشر، وإذ "قال الرب لموسى: اذهب إلى الشعب، وقدسهم اليوم وغدًا. وليغسلوا ثيابهم، ويكونوا مستعدين لليوم الثالث" (خر 19: 10،11).. "فانحدر موسى من الجبل إلى الشعب وقدس الشعب، وغسلوا ثيابهم. وقال للشعب: كونوا مستعدين لليوم الثالث. لا تقربوا إمرأة" (خر 19: 14، 15).
-
لذلك فالاتصال الجنسي، والاحتلام، ونزيف الدم، وما أشبه، أمور تمنع التناول.
-
ينبغي أن يكون المتقدم للتناول طاهرًا، جسدًا وروحًا. وهكذا أيضًا يحسن الاستحمام في اليوم السابق للتناول، أو على الأقل الاغتسال لمن يتناول باستمرار. مجرد هذا الأمر -إلى جوار نظافة الجسد الذي يستقبل التناول- يعطى الإنسان إحساسًا بأنه يستعد يلزمه لون من اللياقة.
-
كذلك نستعد جسديًا بالصوم.
-
وحسب نظام كنيستنا نصوم منقطعين عن الطعام والشراب فترة لا تقل عن تسع ساعات نكون قد دخلنا في يوم جديد (يوم التناول) الذي يجب أن نبدأه صائمين. والصوم ليس مجرد عمل جسدي، فهو من ناحية أخرى عمل روحي. وهو استعداد لكل نعمة نتلقاها في كل سر من أسرار الكنيسة، إلا في في الاستثناء المانع كالمرض الشديد.
-
المُصالحة إستعداداً للتناول
-
ينبغي قبل التناول أن نكون في صلح مع الله والناس.
-
مع الله بالتوبة، حسب قول الرسول ".. تصالحوا مع الله" (2كو 5: 20).. ومع الناس حسب قول الرب "فإن قدمت قربانك على المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، فاترك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا تصالح مع أخيك.." (مت 5: 23، 24). وعبارة "شيئًا عليك" تعنى أنك في موقف المذنب. أما الذي يبغضك بغير سبب منك، كما أبغض شاول داود، وكما قال داود "أكثر من شعر رأسي، الذين يبغضونني بلا سبب" (مز 69: 4).. فذلك طبعًا لست مطالبًا بأن تترك قربانك لمصالحته.. السيد المسيح نفسه كان يبغضونه بلا سبب (يو 15: 18، 24، 25).. أنت أيضًا لست مطالبًا بالذهاب لمصالحة من يضطهدونك ومن يحسدونك ويعادونك. ولكن هناك قاعدة:
إن كنت أنت المسيء، اذهب وصالح من أسأت إليه وإن كنت المساء إليه، فاحفظ قلبك من البغضة.
-
كذلك لست مطالبًا بأن تصالح من يعثرك روحيًا أو أخلاقيًا أو فكريًا، الذي ينطبق عليه قول الكتاب "المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: 33). والكتاب يطالبنا أن نبعد عن العثرات، لا أن نذهب لنصالح أصحابها، ونرجع معهم علاقات تسبب الخطية..
-
كذلك لست مطالبًا بأن تذهب لتصالح أصحاب البدع والهرطقات. أولئك الذين قال عنهم الرسول "إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا نقول له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2يو 10، 11).. ولا تسلم على من قال عنه الكتاب "اعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو 5: 13).. وعمومًا، لا يكون صلحك مع الناس على حساب صلحك مع الله.