يوم الخميس من الأسبوع الخامس
القراءات
رو6: 5-11، 1يو4: 18-5: 1، أع7: 51-54، يو17 :18-21
18كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ، 19وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ.
20«وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، 21لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي."
تأملات في القيامة
مقتطفات من كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
-
أول ما نلاحظه هو تواضع الرب، الذي سمح بأن يكون صلبه وإهانته أمام الكل، بينما جعل قيامته الممجدة في الخفاء، سرًا لم يره أحد..!
-
لم يقم في مجد أمام جميع الناس، لكي يعوض الإهانات والتعييرات التي لحقت به في وقت الصلب.. وإنما قام سرًا. واختار للقيامة وقت الفجر، حين كان جميع الناس نائمين، حتى لا يراه أحد في مجد قيامته..
إنه كان بعيدًا عن المظاهر المبهرة في قيامته، كما كان أيضًا بعيدًا عن المظاهر المبهرة في ميلاده
-
ثم ظهر بعد ذلك لمريم المجدلية ولمريم الأخري، ولبطرس وللنسوة، ولتلميذي عمواس وللأحد عشر، ثم لشاول الطرسوسي ولبعض الأخوة.. للأحباء، للخاصة.. ولم يظهر للذين شمتوا به قبلًا..
-
ومع كل ذلك فإن هذه القيامة التي حدثت في الخفاء، كانت تزعج اليهود إلي أبعد حد، وقد حاولوا بكل طاقاتهم أن يمنعوها، أو علي الأقل يمنعوا الناس من الإيمان بها..
-
ولما وجدوا أنهم فشلوا في منع القيامة بالجند والحراس والحجر والأختام، أرادوا أن يمنعوا وصولها إلي الناس بطريقة أخري: بالكذب، والرشوة، والإشاعات.
-
ولما فشلت هذه الحيلة، ولم يستطيعوا أن يمنعوا خبر القيامة بالكذب والرشوة، وانتشر خبر القيامة في الأرض كلها بكرازة التلاميذ، لجأوا إلي طريقة أخري.
-
فحاولوا منع الكرازة بالقيامة بواسطة القبض علي التلاميذ، وجلدهم وسجنهم، وتقديم شكاوي ضدهم للحكام..
-
وفشلت الطرق البشرية في منع الإيمان بالقيامة.. وصدق قول الكتاب "كل آلة صورت ضدك لا تنجح".
-
فما سر هذه القيامة العظيمة؟ سرها أنه لأول مرة في التاريخ ولآخر مرة، قام شخص من الموت بذاته، لم يقمه أحد..! حادث أرعبهم..
لقد حقق السيد المسيح ما قاله عن نفسه.. إنه لا يستطيع أحد أن يأخذها منه "لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها"..
-
لقد غلبهم الناصري الجبار، الذي لم يقو الموت عليه، الذي داس الموت، وقام حينما شاء، وحسبما شاء، وحسبما أنبأ من قبل. ولم يستطع أحد أن يمنع قيامته..
ولكن لماذا لم يظهر لهم المسيح بعد القيامة؟ ألم يكن ذلك مناسبًا لكي يقنعهم فيؤمنوا؟!
-
لم يظهر لهم، لأنهم لم يكونوا مستحقين.. ولأنه حتى لو ظهر لهم ما كانوا سيؤمنون.. تذكرنا هذه النقطة بقول إبراهيم أبي الآباء للغني الذي عاصر لعازر المسكين "ولا لو قام واحد من الموتى يصدقون". ثم أن السيد المسيح قد فعل بينهم معجزات أخري كثيرة، ولم يؤمنوا.. وعندما شفي المولود أعمي، قالوا للمولود أعمي، قالوا للمولود أعمي: ألا تعلم أن الذي شفاك رجل خاطئ؟!!! وأثناء الصلب أظلمت الشمس، وتشققت الصخور، وحجاب الهيكل انشق، وقام بعض الموتى.. ومع ذلك لم يؤمنوا..!!
-
لم يظهر لهم لأنهم غير مستحقين، ولأنهم لن يؤمنوا، فلماذا إذن لم يظهر لباقي الناس..
-
إن السيد المسيح ترك بذلك مجالًا للإيمان، والإيمان كما قال بولس الرسول "هو الثقة بما يرجي، والإيقان بأمور لا تري".. لو كانت القيامة مرئية، لانضمَّت إلي دائرة العيان وليس الإيمان هو "الإيقان بأمور لا تري". يكفي أنه ظهر للقادة، فآمن الكل بواسطتهم..
-
وبالإضافة إلي عنصر الإيمان، ليس الجميع يحتملون هذا الأمر، لذلك عندما ظهر المسيح في قيامته، حتى لخاصته، لم يظهر في مجده، لأنهم لا يحتملون..
-
مع تلميذي عمواس تدرج، فلم يعرفاه أولًا..
-
ومع مريم المجدلية، أخفي ذاته حتى ظنته البستاني، ثم أعلن نفسه لها بعد أن تدرج معها قليلًا. وشاول الطرسوسي عندما ظهر له في شيء بسيط من مجده، عميت عيناه من النور، ثم شفاه بعد ذلك. ويوحنا الحبيب لما ظهر له في شيء من المجد، وقع عند قدميه كميت، فأقامه وقال له لا تخف..
-
حقًا من يحتمل رؤية المسيح في مجده؟! أما في تواضعه، فكفي ما أظهره من إخلاء ذاته.. سيظهر لهم فيما بعد في مجده، في المجيء الثاني فيقولون للجبال غطينا، وللتلال أسقطي علينا.. وتنوح عليه جميع قبائل الأرض.
بروح القيامة وقوتها، بدأت المسيحية تاريخها المجيد..
-
إن عصر جديد من القوة، سار فيه التلاميذ.. "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع، ونعمة عظيمة كانت علي جميعهم" (أع 4: 33).
-
كل ما فعلوه لمحاولة تحطيم المسيح، حطمه هو بقيامته.. بل الشيطان نفسه حطمته هذه القيامة..
-
المسيح الذي غلب الموت، والذي قال "ثقوا أنا قد غلبت العالم "هو أيضًا يقدر علي كل شيء، ويستطيع باستمرار أن يقودنا في موكب نصرته. وهذا الغالب القائم من بين الأموات يمكن أن يقود مجموعة من الغالبين، يعطيهم من نعمته ومن قوته.
-
وهكذا استطاعت المسيحية العزلاء، أن تقف أمام اليهودية وأمام الديانات القديمة الأخرى، وأمام الفلسفات الوثنية، وأمام سطوة الرومان، وأمام المؤامرات والمحاكمات والاضطهادات، وظلت صامدة، تتقدم في قوة المسيح القائم من الأموات، حتى صارت الدولة الرومانية كلها دولة مسيحية، واختفت الوثنية من العالم، وصارت الأرض كلها للرب ولمسيحه.
ليتنا نعيش جميعًا في قوة القيامة، القيامة التي غيرت التلاميذ، والتي جعلت القبر الفارغ رمزًا للانتصار الدائم.. القيامة التي كانت بدء القوة في حياة الكنيسة الأولي.
قصة: على درب أبيــــــــــه
-
حرص أرساني أن يكون قُدوة لابنه الصغير مينا في كل تصرفاته، فكان يصلي كل صباح ومساء، وقبل الأكل وبعده. كان حريصًا أن يكون دائم البشاشة، مرحًا، يقدم كل محبة لزوجته وابنه حتى يشعر مينا بالدفء العائلي.
-
وفي عيد الميلاد المجيد انطلق الأب المحب يزين بيته بل والشارع بزينات الكريسماس، وإذ انطلق إلى حديقة بيته يزينها، وكان قد أهمل تنظيف ممراتها من الثلج، بدأ يسير بحذر يحمل الزينات.
-
فجأة سمع صوت ابنه مينا وراءه يناديه "بابا، سأساعدك في وضع الزينات"
-
اضطرب الأب جدًا إذ تطلع إلى خلفه ليرى ابنه يسير وراءه فرحًا. إذ لاحظ مينا علامات اضطراب والده ابتسم قائلاً: "بابا، إنني أسير في طريق آمن، إني أسير على إثر خطواتك تمامًا". عندئذ أمسك أرساني بيد ابنه وشعر بالمسئولية أنه كان يجب أن ينظف الممرات من الثلج، لأن ابنه حتما يسير في طريق .
مناجاة
-
قد يكون آباؤنا الجسديون أو الروحيون أمثلة حيَّة لكن ليس في كل شيء، أما مسيحنا فهو "الطريق والحق والحياة"، هو وحده المثال الكامل لنا، لنتطلع إليه ولنسر على أثر خطواته بلا خوف، إنه يحملنا فيه، ويعبر بنا في آمان إلى حضن أبيه! !
-
إلهى العظيم الذى سار فى الطريق، وأعد لى الطريق...
-
ساعدنى لأسير على طريقك
-
لأصل الى ملكوتك.