يوم الجمعة من الأسبوع الخامس
القراءات
رو6: 17-22، 1يو5: 1-6، أع8: 1-4، يو17: 22-26
22وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي،
لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ.
23أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. 24أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. 25أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ، إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».
ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد
-
تبدأ هذه الآيات بطلب الرب
ليكون الجميع واحدا
فهذا ما أراده الآب منذ البدء حين خلق آدم واحد، وهذه الوحدة تكون بالحب على نفس نمط الوحدة بين الآب والابن
كما أنك أنت أيها الآب فىَّ وأنا فيك ،
والآن فالهدف النهائى هو
ليكونوا هم أيضا واحدا فينا،
وهذا كان هدف الله وقصد الله منذ البدء.
-
وإتحادنا بالمسيح هو الطريق للوحدة بيننا وبين بعضنا ثم هو الطريق للوحدة مع الآب. والطريق لوحدتنا أن نثبت في المسيح فثباتنا في المسيح يملأنا بالروح القدس الذي يسكب محبة الله فينا ومن ثماره المحبة، إذاً من يجاهد في سبيل هذه المحبة يعينه الروح ويعطيها له فيزداد ثباته في الإبن، فلن يثبت في الابن إلا من له محبة للإخوة، وكل من له محبة لله وللإخوة يثبتوا كلهم كأعضاء في جسد المسيح، والمسيح الابن هو في الآب وبهذا يتحقق طلب المسيح
( ليكونوا واحداً فينا)،
فلا يصلح أن نكون واحداً فقط، بل المهم أن نكون واحداً في المسيح وفي الآب.
-
فهناك من إتحدوا في الشر. ولكن من الذي يتحد بالمسيح سوى من أحب إخوته بل وأعدائه، فمن يجاهد ليحب إخوته يثبت في المسيح وهذا يبدأ بالمعمودية.
-
وبلوغ الكنيسة حالة الوحدة في ذاتها يؤهلها للإتحاد بالمسيح وبالآب، لذلك بدأت طلبة المسيح بأن يكون الجميع واحداً كعطية من عند الآب يهبها للكنيسة بسكب مواهب الروح في أعضائها. وهذا لمن يجاهد أن يحب إخوته. وبعد هذا يؤهلوا أن يكونوا واحداً في الابن والآب.
-
فالمسيح وحدنا فيه بالروح القدس بالمعمودية. ولكن من يجاهد ليحيا في محبة مع الآخرين يثبت في المسيح. وكل من يفعل هذا يحيا في وحدة. وعن طريق وحدتنا مع المسيح أيضاً نتحد مع الآب. والمسيح بروحه القدوس يوحد مثل هؤلاء ويجعلهم واحداً. فالجماعة لا تتحد إلاّ بالوجود في الآب والابن. وهذه الوحدة وهذه المحبة هي التي تؤثر في العالم إذ يرى العالم هذه المحبة فيؤمن بالرب يسوع.
إن إتحادنا معاً لا يلغي شخصياتنا بل كما الفرقة الموسيقية تصدر لحناً واحداً. ونحن لكل منّا دوره في الكنيسة ونتكامل معاً.
-
والإتحاد مع الله هو إتحاد كل القوة والقداسة والحق باللاشئ، بالإنسان الميت، ليقدس ويحيي هذا المائت. وكما تقول ثيؤطوكية الجمعة "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له.. " هو إتحاد لتغطية النقص والعجز من ملئه (كو9:2، 10).
-
لقد وضع المسيح بصليبه أسس الإتحاد المقدس. إن وحدة الآب مع المسيح تقوم على التساوي كلياً وفي كل شيء. هي وحدة ذات وكرامة ومجد وكمال مطلق، وحدة طبيعة جوهرية، أمّا الوحدة التي لنا في المسيح فهي وحدة نعمة ورحمة وتفضل وهبة يأخذها من يؤمن ويحفظ كلامه.
قصة: الحراس الجابرة
كان هذا الخادم مبعوثًا للعمل والخدمة في إحدى البلاد الإفريقية، وقد حكى هذه القصة عند عودته لرفقائه الخدَّام في الكنيسة التي يخدم بها، فقال:
-
بينما كنتُ أخدم في قرية نائية صغيرة، كنتُ أسافر مرة كل أسبوعين على ظهر حمار عابرًا الغابة لأقرب قرية لطلب المؤونة. وكانت الرحلة تستغرق يومين، وتستلزم أن أبيت في خيمة في منتصف الطريق. وفي إحدى هذه الرحلات وصلتُ القرية حيث كنتُ أنوي أن أسحب نقودًا من بنك القرية وأشتري بها أدوية ومؤونة، ثم بدأتُ رحلة العودة لمركز خدمتي في القرية النائية.
-
وعند وصولي هذه القرية لاحظتُ وجود رجلين كانا يتعاركان، وكان أحدهما مجروحًا جرحًا غائرًا، فقمتُ بعلاجه (حيث أني طبيب) من إصاباته. وفي نفس الوقت دعوته للكنيسة القبطية، حيث أخدم ونصحته أن تكون له حياة مقدسة وشركة مع المسيح وأن يكفَّ عن العراك مع الآخرين. ثم خيَّم الليل، وضربتُ خيمتي ونمتُ إلى الصباح حيث عُدتُ إلى قريتي النائية بسلام ودون أحداث.
-
وبعد أسبوعين كرَّرتُ رحلتي. وعند وصولي للقرية وجدتُ في طريقي هذا الشاب الذي سبق أن عالجته، فأخبرني بأنه كان يعلم أنه كان معي نقود وأدوية.
-
وأردف: ”لقد خطَّطنا أنا وبعض أصدقائي لقتلك وأَخْذ ما معك من مال وأدوية. لذلك تبعناك إلى الغابة التي تضرب فيها خيمتك عالمين أنك ستقضي الليل فيها. ولكن بمجرد أن وصلنا إلى قرب خيمتك، رأينا خمسة رجال أشداء مسلَّحين حول خيمتك ساهرين يحرسونك”. .
-
وعند هذه الجملة الأخيرة ضحكتُ، وقلتُ لهذا الشاب: ”إنني أؤكِّد لكم كلكم أنني كنت وحدي في الغابة”. ولكن الشاب أكَّد على هذه الرواية وقال: ”لا يا سيدي، لست أنا وحدي الذي رأيتُ الحرَّاس، ولكن أصدقائي - وكانوا خمسة أيضًا- رأوهم، وقد عددناهم وكانوا خمسة أيضًا، حتى أننا قلنا إن عددهم مثل عددنا”!
وعندما وصل الخادم الى هذه اللحظة فى قصته التى كان يسردها لرفقائه الخدَّام في مدينة بالصعيد، وعمَّا رآه وفعله في غيبته عنهم، قفز واحد من الخدَّام، واعترض الخادم الكبير وسأله عن اليوم بالتحديد الذي حدث له فيه هذا. فردَّ عليه الخادم بالتاريخ الذي فيه حدث له هذا الحدث.
-
فردَّ الخادم المستمع بسرد ما يلي:
”في صباح هذا التاريخ بالذات وأنت في أفريقيا، كنتُ أستعدُّ للذهاب إلى عملي، ولكني شعرتُ بإلحاح شديد في نفسي أن أُصلِّي من أجلك بعد أن غبت عنا لمدة سنة. وقد كان الإلحاح قويًا لدرجة أني دعوتُ بعض الخدَّام أن نتقابل معًا للصلاة من أجلك”.
-
ثم التفتَ الخادم المستمِع إلى الخدَّام الحاضرين وسألهم: ”هلاَّ قام كل الذين استجابوا لدعوتي في هذا اليوم”؟ فوقف الخدَّام المباركون الذين صلُّوا في هذا اليوم لأجل رفيقهم الخادم. أما هذا الخادم الذي حدثت معه هذه الأحداث، فقد ظل يتفرس في هؤلاء الواقفين، ولم يكن مشغولًا بمن يكونون، بل بعددهم. لقد كانوا خمسة!!
تأمل