يوم الأحد من الأسبوع الخامس
القراءات
عب10: 19-38، 1بط4: 6-14، أع9: 1-20، يو14، 1-11
«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. 2فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، 3وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، 4وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ».
5قَالَ لَهُ تُومَا:«يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟» 6قَالَ لَهُ يَسُوعُ:
«أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. 7لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ».
8قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ:«يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا». 9قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟ 10أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. 11صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا.
قصة: سار مع الله الى السماء
-
جلست الأم مع طفلتها الصغيرة، لتقرأ لها جزءً من” الكتاب المُقدس” قرأت: فكانت كل أيام أخنوخ ثلاثمائة وخمساً وستين سنة، وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد، لأن الله أخذه،(تك24:5)
-
وكانت من عادة الأم أن تُعطي الفرصة لطفلتها الصغيرة أن تُعبرّ عما سمعته، بأسلوبها البسيط السهل، قالت الطفلة: ماما لقد عاش أخنوخ مع الله، وكان الله يسير ويتحدث معه، فهما صديقين حميمين، كل منهما يكشف للآخر أسراره في محبة وثقة، عبر أيام وأسابيع وشهور، ثم سنة وهما يتحدثان معاً، واستمرا صديقين لمدة 365 سنة، وفي أحد الأيام إذ كان يسير أخنوخ مع الله ويتحدث معه، قال لله: إلهي العزيز الحبيب، لقد صار الوقت مُتأخراً، هلم معي إلي بيتي نجلس معاً.
-
قال الله لأخنوخ: لماذا، لقد سرنا معاً وكنا نتحدث طوال ال365 عاماً، وها نحن الآن أقرب إلى بيتي من بيتك، لماذا لا تأتي اليوم عندي؟! هلم معي إلى بيتي، فإن ملائكتي وكل خدامي السمائيون مُشتاقون أن يروك يا صديقي العزيز، وافقه في الحال أخنوخ وذهب مع الله، فلم يوجد بعد هنا على الأرض، لأن الله قد أخذه !!
صلاة
المسيح هو طريق الحياة
-
فى إنجيـل هذا اليوم المبارك قال ربنـا يسـوع المسـيح: ” أنا هو الطريق والحق والحياة. لا أحد يأتى إلى الآب إلا بى ” (يو6:14).
-
قدم ربنا يسوع المسيح نفسه بكونه الطريق.. به ندخل الذى إلى الحيـاة الملوكية السماوية، وخارجاً عنه لا نجد إلا الفساد والموت.
-
والذى يحيا مع المسيح يعيش فى طريق الأبرار.. والذى يحيا مـع الشيطان يعيش فى طريق الأشرار.
-
قال
القديس جيروم:
(إن كان المسيح هو طريق الأبرار فالشيطان هو طريق الأشرار).
بمعنى آخر ما يميز المؤمنين هو إتحادهم بكلمة الله أى بالسيد المسيح.
الطريق ليس سلوكيات فقط، إنما هو دخول إلى العضوية فى جسـد المسيح لنحيا بروح الرب.
-
وقال
العلامة أوريجانوس:
-
مسيحنا هو الطريق الآمن الذى يحملنا بروحـه القـدوس إلـى حضن الآب دون أن يصيبنا ضرر أو نحتاج إلى شئ، إنما ننمو فى النعمة والحكمة.
-
النمو فى النعمة يجده الساعون نحو خلاصهم فتتحقق رغبتـهم خلال فهمهم للحق الذى فى الكلمة الإلهى وسلوكـهم فـى الـبر الحقيقى. هذا يقودنا إلى إدراك كيف يكون المسيح هو الطريق.
-
وفى هذا الطريق لا نأخذ معنا زاداً ولا مزوداً ولا ثوباً ولا نحمـل عصا ولا تكون لنا أحذية فى أرجلنـا (مـت10:10).. فـإن الطريق نفسه مشبع لكل إحتياجات رحلتنا.. مـن يسـير فيـه لا يعتاز لشىء.. من يسهر فيه يلتحف بثوب يليق بدعوة العرس.
-
وفى هذا الطريق لا يجد الإنسان ما يزعجـه، إذ يقـول سـليمان الحكيم إنه لا يجد ” طريقاً حية على صخر ” (أم 19:30)، وأنا أضيف أنـه لا يجد طريقاً لأى حيوان مفترس لهذا فلا حاجة إلى عصا ما دامت لا توجد أثار خليقة معاديـة.
-
وبسبب صلابته يدعى الطريق ” صخرة “.. حتـى لا يمكـن لأى كائن ضار إن يلحق به.
إنه الطريق الصالح الذى يقـود الإنسـان الصـالح إلـى الآب الصالح، يقود الإنسان الذى من كـنز قلبـه الصـالح يخـرج الصالحات، يقود العبد الأمين الصالح.
احقاً إن هذا الطريق ضيق إذ لا يقدر كثيرون أن يحتملوا السير فيـه لأنهم محبون لأجسادهم.
-
ويرى
القديس ايريناؤس
أن مسيحنا القدوس هـو الطريـق الـذى يقوم بتقديس نفوسنا.. إذ يقول: ” ففى كل الكتـاب المقدس تظهر القداسة أساساً للخلاص “.
-
ويقول أيضاً: من يحلم أنه قادر على الدخول إلى السـماء دون طهارة القلب وبر الحياة وقداسة الجسد يموت فى هذا الوهم ليسـتيقظ فيجد نفسه فى خزى وعار أبدى.
-
وفى تأمل لعبارة أشعياء النبى ” تكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة ” (أش 8:35)، يقول لنا القمص بيشوى كامل المتنيح: على مدار السنة القبطية تقدم لنا الكنيسة المقدسـة ” طريقا مقدساً ” إلـى أحضان الآب السماوى وذلك من خلال ” دورة الحياة الكنسية ” بما فيـها من مناسبات وأصوام وقراءات وطقوس..
-
فالحياة الكنسية هى رحلتنا إلى السماء، كما نصلـى فـى صـلاة الساعة الثالثة: ” حينما نقف فى هيكلك المقدس نحسب كالقيام فى السماء “.
-
وكما يقول القديس
يوحنا ذهبى الفم
(حينما ترفع ستر الهيكل فثق أن السماء قد انفتحت أبوابها).
لهذا فنحن فـى الكنيسة نعيش فى رحلة هى فى الواقع عربون حياتنا السمائية وتؤدى إلى السماء عينها.