يوم السبت من الأسبوع السابع

القراءات

1كو13: 1-14: 4، 1يو2: 12-17، أع1: 15-26، يو17: 14-26

1إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ. 2وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. 3وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا. 4الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، 5وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، 6وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، 7وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. 8اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ. 9لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ. 10وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ. 11لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. 12فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.

1اِتْبَعُوا الْمَحَبَّةَ، وَلكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، وَبِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. 2لأَنَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لاَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلِ اللهَ، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَسْمَعُ، وَلكِنَّهُ بِالرُّوحِ يَتَكَلَّمُ بِأَسْرَارٍ. 3وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ، فَيُكَلِّمُ النَّاسَ بِبُنْيَانٍ وَوَعْظٍ وَتَسْلِيَةٍ. 4مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ، وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ فَيَبْنِي الْكَنِيسَةَ.


ما هى المحبة

إن المقصود بالمحبة فى الآيات السابقة هو السيد المسيح، فالرسول هنا يرسم صورة للرب يسوع الذي تجسدت فيه المحبة.
ولكن السؤال لو لم يكن عندي هذه المحبة وهذه الصفات ماذا أعمل؟

  1. نطلب عمل الروح القدس فينا لنأتي بثمر، وأول ثماره المحبة (غل 22:5)
  2. والامتلاء من الروح، والامتلاء من المحبة هما نعمة، ولا نعمة دون جهاد والجهاد هو أن يغصب الإنسان نفسه على عمل الشيء المطلوب. وبالتالي لن أمتلئ محبة سوى بالجهاد. وما هو الجهاد المطلوب؟ لنذكر تعليم الرب أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم (مت 44:5) فمحبة الأعداء هي نعمة ولكنها تتطلب جهاد.
    1. باركوا ... تكلموا حسنًا على كل الناس، ولا تلعنوا أحدًا، حتى لو في داخلي شيء آخر.
    2. أحسنوا ... قدموا خدمات لكل الناس وتشبهوا بالسيد الذي أتى ليخدم لا ليُخْدَمْ. اصنع هذا حتى لو لم تكن تحب الخدمة، أو لو كان الآخر لا يؤدى لك أي خدمة.
    3. صلوا ... لا تنشغل في صلاتك بنفسك، بل صلى لكل الناس، لكل متألم، لمن في كنيستي ومن ليس في كنيستي للمسيحي وغير المسيحي، بل ولِمَنْ يكرهك. وفي مقابل هذا تنسكب علىَّ النعمة وتتغير طبيعتي، فأجد نفسي أحب كل الناس حتى أعدائي.

ومن صفات المحبة المسيحية الحقيقية:

  1. تتأنى وترفق : أى نحتمل الإساءة لمن يسئ لنا، بل نقابله بالصلاح والخير.

    تدريب عملي:-
    أعط للناس عذر فيما يفعلونه من أخطاء، وقل ربما هم في ظروف صعبة اضطرتهم لذلك. وحاول السيطرة على انفعالاتك. وربما في البداية يحدث نوع من الكبت. ولكن مع انسكاب النعمة ستمتلئ النفس سلامًا.

  2. لا تحسد : أي لا تشعر بالألم نتيجة لسعادة الآخرين وتقدمهم، ولا تحقد على الآخرين بسبب نعمة نالوها. ولا تتمنى زوالها عنهم. إن الإنسان الروحي المملوء محبة يفرح مع الفرحين وهذه ليست في طاقة الإنسان العادي. ولكن هذا هو المحك ... هل تغيرت طبيعتك أم لا. وإذا كانت طبيعتك لم تتغير ماذا تفعل

    تدريب عملي:-

    1. صلى لأجل مَنْ ناله خيرات، واطلب له المزيد حتى لو كان هذا بتغصب.
    2. صلى من أجل أن تتغير طبيعتك.
    3. اذهب لهذا الإنسان وبارك له، وخذ معك هدية، ولو بتغصب. وبهذا تغير النعمة طبيعتك.
    4. في سَيْرِكَ في الشارع وتحت كل منزل لك فيه إنسان تعرفه صَلّى له، إن كنت تحبه أو لا تحبه. واطلب له البركة والصحة له ولعائلته.

  3. لا تتفاخر. لا تنتفخ : تتفاخر هذه تكون أمام الناس. وتنتفخ هذه بيني وبين نفسي. والمحبة تملأنا شعورًا باحترام الآخرين وتقديرنا لهم وتكريمنا لهم، وتحد من تكريمنا لأنفسنا. إن الإنسان المحب متواضع كالمسيح الذي غسل الأرجل، والناس تحب المتواضع وتنفر من المنتفخ.
  4. لا تقبح : أي يجرح مشاعر الغير بكلام قبيح وسفيه ليوبخه، ويفعل أفعالًا رديئة ويسلك بغير لياقة.

    تدريب عملي:-
    فلنتعلم أن نشجع الناس بكلام لطيف بدلًا من أن نسئ لمشاعرهم.

  5. لا تطلب ما لنفسها : هذه هي عكس الأنانية. فالمُحب يطلب ما للآخرين ثم ما لنفسه، لنتعلم من المسيح أن نتعب لنربح الآخرين. إذًا المحبة تهتم بنفع الآخرين قبل الأنا.
  6. لا تحتد : أي يتصرف بلطف ووداعة وهدوء، بحزم بلا تجريح وبلا غضب. فالمحبة لا تنظر للآخرين بروح النقد وتسعى لإدانتهم، بل لا تحسب للآخرين خطاياهم.
  7. لا تظن السوء : تفترض الثقة في الآخرين، أما المحبة الشكاكة فتفترض أن الجميع أشرار ما لم يثبتوا العكس في معاملاتهم. وليس معنى هذا أن نتعامل بلا حكمة، بل علينا أن لا نترك الفرصة لعدو الخير لزرع شكوك العداوة بيننا وبين الآخرين، ولا نتسرع في الحكم..

    تدريب عملي:-
    انشغل بالسماء، بترديد مزامير والتأمل فيها مثلًا، أو ترديد آيات ومن هو مشغول بالسماء لن يلاحظ أخطاء الآخرين. كقائد السيارة المشغول بالطريق، لن يهتم بملابس الراكبين معه

  8. لا تَفْرَحُ بِالإِثْمِ : أي لا تشمت في سقوط الآخرين، فالمحب يبكى على خطية الخاطئ.

    تدريب عملي:-
    صلى لكل نفس تخطئ لكي تتوب، حتى لو كان هذا ضد رغبتك. وهذا ما يسمى الجهاد أي نغصب أنفسنا على فعل الشيء الصحيح وبهذا نغتصب ملكوت السموات (مت 11: 12).

  9. تفرح بالحق : تفرح وتسر عندما يسود الحق، ويقدم الخطاة توبة. فالقلب المحب يسكنه الله، والله هو الحق، فالمحب يفرح بالتوبة والسلوك بالإنجيل.
  10. تحتمل كل شيء : أي تحتمل نقائص الآخرين وسوء تصرفاتهم، والمسيح احتمل نقائصنا وهو القدوس أفلا نحتمل نقائص البعض نحن الخطاة. وأيضا نفهم هذه على أن المحبة لا تشهر بالآخرين وتذيع نقائصهم بل تستر عليهم .
  11. تصدق كل شيء : تصدق المظهر الطيب للناس دون أن تبحث في دواخلهم وتشكك في نيات قلوبهم، فهذه متروكة لله، ولكن إن أظهر الإنسان شرورًا من داخله فهذه لها مواقف أخرى قد تصل لاختصار هذا الإنسان، طبعا تصدق كل شيء لا تعني البلاهة بل بعقل مستنير.
  12. ترجو كل شي : أي لا تعرف اليأس، وتأمل أن يُصلح الآخرون أحوالهم، فإذا أخطأوا فهي ترجو لهم التخلص من الخطيئة والتغلب عليها، هي تتوقع بثقة عمل الله في الآخرين لتغييرهم. فمن يحب لا يتصور هلاك من يحب بل يأمل في خلاصه.
  13. تصبر على كل شي : تسلك في طول أناة نحو الآخرين، وتصبر على كل ما يصيبها من ضيق أو من اضطهاد ولا تتعجل النتائج، ولا تيأس سريعا. إنما تفعل الخير دائمًا وتصبر. وتحتمل كل تجربة مهما كانت.

قصص وتأملات : الحاجة الى الحب

قصة الصغير "جوني" الذي أخذه والداه إلى مستشفى الأطفال في مدينة "أبيوود" بأنجلترا، إذ أُصيب بمرض يحتاج إلى علاج طويل... ثم مضى شهر ولم يزر الوالدان ولدهما... ثم شهران، ثم ثلاثة... كان الصغير يتطلع كل لحظة إلى الباب متوقعاً أن يرى والديه، ولكنهما لم يعودا لرؤيته... اتصلت إدارة المستشفى بالعنوان الذي تركه الوالدان، فلم تجد لهما أثراً... ومضت أعوام والصغير المسكين يرى الأمهات والآباء يزورون من معه في الغرفة من الصغار ويحملون لهم الهدايا، وهو وحده في سريره لا يزوره أحد ولا يفكّر فيه أحد.

لكن ما هو الطريق الصحيح لإشباع جوع القلب الإنساني إلى الحب؟
الطريق الصحيح هو أن تحب الرب إلهك وتتيقّن من حبه لك فلا أحد غيره يستطيع أن يشبع جوع قلبك.
"تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك" (تثنية6: 4-5)
لكن كيف تختبر هذا الحب؟
اختبار هذا الحب من كل القلب.. ومن كل النفس.. ومن كل القوّة... يتطلب أن تعرف من تحب، وتدرك مدى حبه لك.
حب الله حب كبير.. حب عريض، وطويل، وعميق، وعالي، وإذا تأملنا عظمة هذا الحب وفهمنا مقايسة، فسنحب الله.. وسيغمر حبه كل نواحي حياتنا وبهذا نشبع جوع قلوبنا إلى الحب.

وفي إنجيل يوحنا نلتقي بامرأة كانت جائعة إلى الحب، فتزوجت خمسة رجال.. وأخيرًا عاشت مع عشيق، ولكنها لم تجد في هذا الحب الآثم شبعًا أو ارتواء إلى أن التقت بالمسيح، فأعلن لها حقيقة ذاته، وأفاض عليها من حبه الإلهي الغامر، حتى نست ذاتها في شخصه، وغمر شخصه القوي شخصيتها المحطّمة، فأشبعها وروى ظمأ نفسها العطشى إلى الحب، وأحست المرأة حلاوة حب المسيح، وشبعت بهذا الحب الرفيع عن كل حب آخر في هذا الوجود.. ومضت لتخبر أهل مدينتها عن حب المسيح.

إن حب المسيح هو حب حقيقي، لأن المسيح موجود في كل مكان... يتألم، ويتضايق، ويشاركنا آلامنا، ويمنحنا دفئًا طاهرًا من حبه الأزلي.
وقد أشبع يسوع بحبه عشرات الملايين من البشر بهذا الحب، حتى ضحوا من أجله بكل شيء.

وبعد كل هولاء...
هل مازلت ترى فى العالم حب حقيقى!
هل ترى فى العالم حب يُشبع النفس والروح والجسد!
هل ترى فى تلك الحياة سعادة حقيقية بدون المُخلص!
هل أشبع العالم حاجتك الى الحب الحقيقى!
بالتأكيد ... لا
إذاً، انطلق الى الرب يسوع ... لُشبع قلبك من الحب البازل، فتذهب الى العالم تُبشره بحب الرب اللانهائى.
اختبر حب الله العميق، ثم اخرج بشر به كل الخليقة
قديماً قال القديس أغسطينوس: "يا الله أنت خلقتنا لذاتك ولا تشبع نفوسنا إلا بحبك!"