يوم الاثنين من الأسبوع الثانى
القراءات
رو1: 1-4، 1يو1: 1-6، أع4: 1-4، يو3: 31-36
1اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. 2فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.
3الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 4وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.
5وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. 6إِنْ قُلْنَا: إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ."
حياة الشركة
من تفاسير القمص أنطونيوس فكرى
-
يحدثنا القديس يوحنا فى رسالته عن الله الأزلي، الكائن قبل كل الموجودات، المتجسد، الله الأزلي غير الزمني الذى صار زمنيًاً، وبعد أن كان غير منظورًا صار منظورًا وتلامسنا معه.
-
لقد كانت معرفة يوحنا اختبارية معاشة فهو عاش مع المسيح ثلاث سنين ونصف.
-
هل هذه الخبرة قاصرة على يوحنا تلميذ المسيح الذي عايشه سنوات على الأرض؟
-
إن الروح القدس يعطينا نفس الشيء دون أن نرى المسيح بالجسد (يو16: 13-16). وهذا نحصل عليه بالإيمان، الروح القدس يعطينا أن نتلامس مع حقيقة محبته وغفرانه فنقترب إليه بدموعنا كالمرأة الخاطئة نطلب المغفرة. ويعطينا الروح أن نحبه إذ نتلامس مع صفاته، نستمتع به ونشتاق إليه، ونشعر بمجده كما لو كنا رأيناه، بل أفضل، فطوبى لمن آمن ولم يرى، بل هناك من رأوه بالجسد ولم يدركوه، فصلبوه، أما الروح فيعطينا أن نعرفه حقيقة، وفي معرفته حياة (يو17: 3).
وهل نحن قادرين أن نلمسه نحن أيضًا وقد صعد إلى السماء؟
نعم، نحن نتناول جسده فنلمسه
-
إن الحياة الأبدية التى حصلنا عليها هي المسيح الأبدي الذي لا يموت. ولكن الحياة الأبدية لا تبدأ هناك في السماء بعد القيامة، بل تبدأ هنا على الأرض. فبالمعمودية نتحد بالمسيح الحيّ الذي لا يموت. وبالعشرة مع المسيح الآن، نتذوق عربون الحياة التي فوق من فرح وسلام.
-
لا يستطيع المسيحى الحقيقي أن يخدم دون ان يكون قد إختبر سماع صوت الله الحلو، فمن ثمَ يخبر هذا الخادم الناس بما سمعه ، ولا يستطيع خادم أن يخدم ما لم يكن له خبرة خاصة في معرفة المسيح. هنا نرى أن الحياة المعاشة تتحول إلى شهادة وكرازة.
-
ويوحنا الرسول يكتب لنا ولكل من يقرأ رسالته لكي يكون لنا معه هذه الشركة مع الآب والابن. ونشترك معه في رؤية المسيح وسماع صوته وهذا يكون لنا بالإيمان، وبعمل الروح القدس فينا الذي يشهد للإبن فنراه وندركه مثل يوحنا الذي رآه وسمعه.
-
ففي الكنيسة نولد من الماء والروح، وفيها نعترف، وفيها نصلى القداس ونحصل على شركة جسد المسيح في التناول.
-
وفى حياة الشركة مع السيد المسيح يكون فرحنا كاملاً، إذ نشرك الله معنا في كل كبيرة وصغيرة في حياتنا، وهذا يكون بالصلاة وأن نشعر أنه شريك لنا في كل شيء وبدونه لا نقدر أن نفعل شيء (يو15: 5) فهناك طريقتان لمواجهة المشاكل.
-
أن نفكر بمفردنا في الحل فنكتئب إذ لا حل.
-
نصلى ونشرك الله فنفرح، فمن يرفع قلبه لله في ثقة ناشئة عن دالة البنوة، سيسمع من الله.
لا تخف يا ابنى انا معك،
فينتهي الاكتئاب والحزن حتى قبل حل المشكلة، وبهذا نتعزّى.
إن النور هو
إشارة للصلاح الكامل والجمال الكامل والمعرفة الكاملة فالنور يسقط على كل شيء ويظهره فلا يختفي منه شيء، لذلك قيل عن الله أنه فاحص القلوب والكلى إذ هو يعرف كل شيء. وطالما كل شيء مكشوف فالتصرف سيكون سليمًا. لذلك فالنور يشير للحكمة الكاملة. وكما أن الشمس هي نور للعين البشرية، هكذا نور الله بالنسبة للعين الروحية، فمن يقترب من الله يقترب من النور ويدخل النور حياته فيضئ كيانه فيدرك الله ويعرفه، ويعرف إرادته فتكون قراراته سليمة. وتكون له حياة أبدية.
-
اما الظلمة فتشير للخطية:-
-
فالظلمة حرمان من النور والخطية حرمان من النعمة.
-
السير في الظلمة يعرض السائر للإنزلاق والسقوط والتعثر، والخطاة عميان عن طريق الخلاص كثيرو الزلل والسقوط.
-
الخطاة كالخفاش يكرهون النور فهو يكشف أعمالهم السيئة (يو3: 19، 20).
-
الخطية تعمى بصيرة صاحبها فتقوده إلى جهنم.
-
في الظلام الروحي لا يرى الخاطئ الله ولا يعرفه ولا يرى الحق ولا يدركه ولا يرى نفسه وبالتالي لن يدرك أنه خاطئ لذلك يتكبر. وهذا عكس حالة بولس الرسول تمامًا حين امتلأ قلبه نورا فقال
"الخطاة الذين أولهم أنا"
-
ونحن من ذواتنا ظلمة لكن من يقترب إلى الله يستنير ومن يتمسك به يصير نورًا "اقتربوا إليه واستنيروا ووجوهكم لا تخزى" (مز34: 5) فالمكان الذي فيه ظلمة تنتشر فيه الحشرات والقاذورات (رمز الخطية) ومع النور تهرب هذه الحشرات. فالنور يعطى للناس إرشادًا وبدونه يتخبط الناس.
ولا يمكن للإنسان أن يستنير إلا من خلال سر التناول
قصة: سر التناول يُعطى إستنارة وحل لكل مشكلة
-
بعد أن تمت سيامة الاستاذ سامى كامل كاهنا على كنيسة مارجرجس باسبورتنج باسم القس بيشوى كامل وبعد أن قضى فترة ال 40 يوما فى دير السريان رجع لاستلام كنيسته يوم 10/1/1960.
-
ووقتها قابله البابا كيرلس السادس ونصحه قائلا "الصيام الكبير قرب .. ابقى اعمل قداس متأخر كل يوم" ولم تكن قداسات الصيام المعروفة لنا الان والتى نتمتع فيها بالصيام الانقطاعى تقام فى مدينة الاسكندرية كما هى الان بل كان قداس متأخر واحد كل يوم اربعاء فى الكنيسة المرقسية.
-
لذلك تعجب ابونا بيشوى فى بادىء الامر من هذه النصيحة وقال فى نفسه "هو أنا ها اعمل قداسات بعد الظهر واللا ها افتقد الشعب اللى محتاج خدمة؟" ولكن لأجل طاعة البطريرك قرر أن ينفذ هذا الامر.
-
وقرب بداية الصيام حدثت مشكلة كبيرة بين زوجين تدخل فيها ابونا بيشوى لمدة اسبوع وفشلت كل محاولات الصلح واصبح انفصالهما وشيكا فكتب ابونا بيشوى اسميهما فى ورقة ووضعها على المذبح فى أول قداس صيام متأخر.
-
وبعد انتهاء القداس ذهب لهذه الاسرة فوجد انهما تصالحا وذابت كل الخلافات بينهما ففرح ابونا بيشوى وقال فى نفسه "طيب لما الموضوع سهل كده يبقى أنا على اصلى قداسات كثيرة وربنا عليه يحل لى المشاكل ويفتقد بدلا منى" وفيما بعد اصبحت هذه القداسات فى كل كنائس الاسكندرية.
تأملات فى القداس الإلهى
-
أننا فى القداس الإلهى نلتقي بالمسيح الذي هو أمس واليوم وإلى الأبد ... نلتقي بالمسيح الذي هو فوق الزمان إذ نصنع ذكرى الماضي والآتي ونحن لا نزال في الحاضر، وهذه الذكرى ليست تذكار فكري بل روحي يفيـد إعادة حدوث الشيء وإحضار كل الأحداث معاً وهذه تسمى باليونانية (أنامنسيـس) كما يصلي أبونا لله الآب: "ففيما نحن أيضاً نصنـع ذكرى(أنامنسيـس) آلامه المقدسة وقيامته من الأموات وصعوده إلى السماوات... وظهـوره الثاني الآتـي من السمـاوات المخـوف والمملـوء مجـداً" ... ففي كل قـداس نواجـه الدينونة المرهوبة والمجيء الثانـي المخوف والمحبـوب في آن واحد ... أي رهبة تكون هذه ؟ ! .
-
أن القداس الإلهي هو لقاء حب على أعلى مستوى عرفته البشرية إذ فيه العريس الإلهي يحب العروس حتى الموت ويقدم الآن جسده ودمه أي حياته لعروسه على المذبح.
-
كما أن فيه أيضاً نجد العروس السعيدة وهي متمتعة بحب عريسها وسكرانة من شدة الحب الإلهي تقدم للعريس أسمى وأرق مشاعر حبها فتخرج كلمات وصلوات القداس نغمات حب عذب يرتفع بها الإنسان ليحيا نعيم الفردوس الأول وعربون جمال الملكوت وهو مازال بالجسد ... حيث لا مكان لأي آلام جسديـة أو ضيقـات نفسيـة أو أوجاع خطية.
-
وبعدما ينتهي القداس نتساءل أين كنا؟ في السماء أم على الأرض ؟ أم أن رب السماء جاء إلينا بكل بركات تجسده ونعمة فداءه ورهبة دينونته ؟ ... إنها رفعة روحية ليس لها وصف أرضي ...
-
الكنيسة تدعو الجميع للاتحاد بالرب والاشتراك في جسده ودمه الأقدسين فالكنيسة لا تريد أن يكون هناك متناولين ومتفرجين بل الجميع يتناولون ولا تستثني أحداً إلا الخارجيـن عن الإيمان أو الذين في حالـة خصـام عنيد أو تحت قانون توبة يمنعهم من التناول ... أما كل من يحرم نفسه من المذبح بإرادته الخاصة هو كمثل غصن الكرمة الجاف الذي لا تصل إليه عصارتها فيئول إلى القطع ثم يلقونه في النار.
تأخذنا الكنيسة عبر صلوات القداس بمراحله المختلفة في رحلة روحية إلى السماء، والفرح الذي ينتج عن هذه الرحلة السعيدة يجعلنا نشتهي أن تكون حياتنا كلها قداس واحد مستمر على غرار بطرس الرسول وهو على جبل طابور حينما قال: "جيد يا رب أن نكون ههنا" ... ولكن لابد لنا الآن أن ننزل من جبل التجلي لنخبر بفضائل الذي دعانا من الظلمة إلى نوره العجيب ونقول مع المرنم: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب".