قبل اللقاء


من أخطأ


افتقاد الرب برحمته

و مثلما افتقد الله برحمته السامرية و المخلع ... جاء الدور على المولود أعمى ... في أحد السبوت، سمع الأعمى السؤال السخيف يتكرر: "من أخطأ هذا أم أبواه؟" ... و تململ الأعمى ... لماذا يضعون هذين الاحتمالين فقط؟ ألا توجد إجابة أخرى؟

أجابهم ذلك الشخص الذي دعوه المعلم بالإجابة التي كان يتمناها الأعمى:

"لا هذا أخطأ ولا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه" (يوحنا 9 : 3)

تابع المخلص قائلاً:

"ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل. ما دمت في العالم فأنا نور العالم" (يوحنا 9 : 4 - 5)

وضع السيد يديه على مكان العينين ثم قال للأعمى أن يغتسل في بركة سلوام ... و رغم أن الطلب غير منطقي إلا أن الأعمى ذهب و أطاع ... فهو ليس لديه ما يخسره على أي حال

بالتأكيد يعجز لسان أبرع الأدباء و الحكماء عن وصف تلك اللحظات ... لأول مرة بنظر المولود أعمى الخليقة و ما فيها و الأشجار و الناس و الألوان

بالتأكيد توقع المولود أعمى أن تجد تلك المعجزة فرحة و تهليل كل الناس .... لكن للأسف فإن بعض الناس و إن كانوا مبصرين بالنظر فهم عميان البصيرة ... حاولوا تكذيب المعجزة (بزعم أن المبصر يشبه ذلك المولود أعمى) ... ثم استنكروا حدوث المعجزة في يوم السبت

ظل الانشقاق في الرأي ... و طلب الفريسيين شهادة المولود أعمى في المجمع ... فقال بدون تردد: إنه نبي ... و للأسف وجدت تلك الإجابة غضب الحاضرين الذين كانوا يريدون أن يقول المولود أعمى شهادة مسيئة فيستطيعوا أن يحولوا الموضوع من المعجزة إلى خطية كسر السبت

طلبوا شهادة والدي المولود أعمى ... و لأنه كان من المعروف أن من سيعترف أن يسوع هو المسيح سيطرد من المجمع اضطر الأهل أن يجيبوا إجابة دبلوماسية:

"نعلم أن هذا ابننا، وأنه ولد أعمى. وأما كيف يبصر الآن فلا نعلم. أو من فتح عينيه فلا نعلم. هو كامل السن. اسألوه فهو يتكلم عن نفسه" (يوحنا 9 : 20 - 21)

و ظلوا على عنادهم ... طلبوا المولود أعمى للشهادة مرة أخرى

"وقالوا له: «أعط مجدا لله. نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ»" (يوحنا 9 : 24)
"فأجاب ذاك وقال: «أخاطئ هو؟ لست أعلم. إنما أعلم شيئا واحدا: أني كنت أعمى والآن أبصر»" (يوحنا 9 : 25)

ظلوا بحاولون !! و سألوه من جديد: كيف فتح عينيك؟ ... فقد المولود أعمى صبره و قال:

"قد قلت لكم ولم تسمعوا. لماذا تريدون أن تسمعوا أيضا؟ ألعلكم أنتم تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟" (يوحنا 9 : 27)

أجابهم المبصر بإجابة بديهية جداً:

"إن في هذا عجبا! إنكم لستم تعلمون من أين هو، وقد فتح عيني. ونعلم أن الله لا يسمع للخطاة. ولكن إن كان أحد يتقي الله ويفعل مشيئته، فلهذا يسمع. منذ الدهر لم يسمع أن أحدا فتح عيني مولود أعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا" (يوحنا 9 : 30 - 33)

وجد السيد المولود أعمى و قال له: أتؤمن بابن الله؟ و كان الرد: من هو يا سيد لأومن به؟ ... فأجاب المخلص: أنا هو ... و بالتأكيد تذكر المولود أعمى الصوت ... و ببساطة أجاب:

"فقال: «أومن يا سيد!». وسجد له." (يوحنا 9 : 38)
فقال يسوع: «لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم، حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون».
فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين، وقالوا له: «ألعلنا نحن أيضا عميان؟»
قال لهم يسوع: «لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية. ولكن الآن تقولون إننا نبصر، فخطيتكم باقية."


لقد أيقنت الآن أن من ينكر يسوع لا ينكره لأنه لم يقتنع به، بل يرفض ذلك عمداً مع سبق الإصرار.
هؤلاء القوم الذين يبدأون الحوار بأنه إنسان خاطئ لا يبحثون عن الحقيقة بل يبحثون عما يثبتوا به لأنفسهم أنهم على حق حتى و لو على حساب الحقيقة.
فالحقيقة أوضح من نور الشمس. و لكن من ينكرها لغرض ما في نفسه يغمض عينيه و يتعامى و يتسائل: أين هي الشمس؟
من ينكر الحقيقة لن يعترف يها حتى لو نال 10 ضربات موجعة ثم رأى البحر ينشق.
لقد كنت أعمى و لكني لم أنكر تلك الحقيقة. أما هؤلاء فيدّعون أنهم يبصرون و لكن بصيرتهم عمياء مظلمة.
كنت أعمى و أتمنى أن أبصر. أما هؤلاء فهم عميان و يتمنون ألا يبصروا أبداً...
لن أستطيع أن أفعل مثلك يا سيد فأعيد البصر للعميان ، لكن أعدك يا من شفيتني أن أساعد عميان البصيرة أن تعود لهم بصيرتهم المفقودة ...
إن كانوا يريدون ...