لحد الوقت ده كانت الكنيسة متّحدة و انتصرت ضد هرطقات أريوس و مقدونيوس و نسطور و غيرهم ... لكن للأسف الهرطقة طلعت المرة دي من أسقف روما ... و مع نفوذ روما السياسي، أصبح قدام كنيستنا حل من 2: يا إما تفرّط في الإيمان المستقيم حفاظاً على وحدة الكنيسة و حماية لنفسها من الاضطهاد ... أو تقف (مع المسيح) ضد العالم و ضد الهرطقات
تعالوا نشوف من الناحية العقيدية إيه سبب و خطورة الخلاف, و نعرف إيه اللي حصل في المجمع
هو ده إيمان الكنيسة الأولى ... و القديس أثناسيوس هو أقوى واحد دافع عن لاهوت و ناسوت السيد المسيح في كتابه (تجسُّد الكلمة)
قبل بدعة لاون ظهرت بِدَع كتير ضد الطبيعة الواحدة للسيد المسيح ... و كلها تصدّت لها الكنيسة
إحنا لما نقول طبيعة واحدة، فإحنا لا ننكر اللاهوت و لا الناسوت ... بل ننادي باتحاد الطبيعتين في طبيعة واحدة خاصة بالسيد المسيح
الموضوع ده جوهري و مهم جداً عشان الكفّارة و الفداء: لازم الفادي يكون إله كامل (عشان يدّي كفّارة غير محدودة) و إنسان كامل (عشان يموت عن كل البشر قدام العدل الإلهي)
و ما أكثر آيات الكتاب المقدس اللي بتوضّح:
لو عرفوا لَمَا صلبوا رب المجد (كورنثوس الأولى 2 : 8)
رئيس الحياة قتلتموه ( أعمال الرسل 3 : 15 )
أنا هو الأول و الآخِر ... و الحيّ و كنت ميّتاً و ها أنا حيّ إلى أبد الآبدين ( رؤيا 1 : 17 و 18 )
و آيات كتير زي كده
ربنا يسوع على الأرض اسنخدم لقب (ابن الإنسان) ليؤكد ناسوته ... لكن فيه آيات كتير تؤكد لاهوت ابن الإنسان
ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء (يوحنا 3 : 13)
لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا (لوقا 5 : 24)
ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته (متى 16 : 27)
البابا ديوسقوروس حرم لاون عشان أفكاره النسطورية
رَأَس البابا ديوسقوروس مجمع أفسس الثاني في أغسطس سنة 449م. و بعد أن سمع المجمع اعتراف أوطاخي كتابةً و شفاهةً، و إقراره بإيمان أثناسيوس و كيرلس المستقيم و رفضه ما ادّعاه سابقاً من أن الناسوت امتُصَّ في اللاهوت. و بعد أن أعلن توبته و إيمانه بأن في المسيح يسوع طبيعة واحدة من طبيعتين. أقر المجمع قبول توبته و إعادته إلى درجته و ديره. كما حكم المجمع بحرم فلابيانوس أسقف القسطنطينية و ستة أساقفة معه بسبب آرائهم النسطورية التي تقول بوجود طبيعتين للسيد المسيح بعد الإتحاد. اتحد فلابيانوس مع لاون أسقف روما ضد ديوسقوروس. عقد القديس ديوسقوروس مجمعاً بالإسكندرية حرم فيه لاون أسقف روما لأنه تمسك بأفكار فلابيانوس النسطورية.
كالعادة، تدخُّل السياسة في الأمور الدينية فيه خطورة كبيرة جداً على العقيدة
مات الإمبراطور ثيئودوسيوس سنة 450م و اعتلى الكرسي مركيان الذي تزوج بولشاريا أخت ثيئودوسيوس الصغير، و كان يميل إلى أفكار نسطور، كما كانت بولشاريا مشهورة بالمكر و الدهاء و كانت تخشى قوة ديوسقوروس و تعمل على إضعاف مركزه. انتهز لاون فرصة اعتلاء مركيان لكرسي القسطنطينية و بعث إليه برسالة يشكو فيها ديوسقوروس الذي حرمه، و يطلب فيها عقد مجمع لمناقشة الإيمان من جديد. رد عليه مركيان بإيعاز من زوجته بولشاريا بأنه مستعد لعقد المجمع، فعُقدَ اجتماع تمهيدي بقصر الإمبراطور بالقسطنطينية حضره البابا ديوسقوروس.
حاولوا الضغط على ديوسقوروس لكي يوافق على رسالة لاون التي تثبت الطبيعتين بعد الإتحاد. فقال ديوسقوروس في جرأة أن اعتقاد الآباء ينبغي ألا يُزاد عليه أو يُنقص منه و أن المسيح كما علّمنا الآباء واحد بالطبع و الفعل و الجوهر و المشيئة. و إن إتحاد اللاهوت بالناسوت هو كاتحاد النار بالحديد. و كانت النتيجة أن تهجمت الملكة بولشاريا الشريرة و مدّت يدها و صفعته صفعة شديدة ثم انهال عليه بعض رجال القصر و أوسعوه ضرباً حتى اقتلعوا ضرسين من أضراسه، و نتفوا شعر لحيته. أما هو فبقى صامتاً و هو يقول: (من أجلك يارب نُمات كل النهار).
الأنبا ديوسقوروس جَمَع الضرسين مع الشعر و أرسلهم إلى شعبه بالإسكندرية مع رسالة يقول فيها (هذه نتيجة جهادي من أجل الإيمان)
لمّا الموضوع اتناقش من الناحية اللاهوتية بحضور البابا ديوسقوروس، كانت الحقيقة واضحة و الهرطقة واضحة
بعد هذا عُقد مجمع بأمر الملك مركيان في مدينة خلقدونية القريبة من القسطنطينية سنة 451م و استخدموا فيه الضغط و الإرهاب ضد ديوسقوروس و الأساقفة الأقباط. و قد ثبت في الجلسة الأولى منه سلامة موقف ديوسقوروس. فرُفعت الجلسة على أن يعود المجمع للانعقاد بعد خمسة أيام.
حاجة مؤسفة جداً غيّرت مسار الكنيسة و عملت فيها انشقاق صعب يتصلّح
و لكن بعد ثلاثة أيام تم عقد جلسة حضرها نواب أسقف روما و بعض الأساقفة الموالين له. و منعوا ديوسقوروس من حضورها بأن وضعوا حراساً على مقر إقامته و لم يحضرها أيضاً نواب الملك و القضاة. و فيها أقرّوا إيمان لاون بالطبيعتين و المشيئتين للسيد المسيح و
حرموا ديوسقوروس غيابياً. طلب ديوسقوروس قرار المجمع، و بعد أن قرأه على أساقفته و إذ وجده مخالفاً للإيمان السليم كتب عليه بخط يده: (حرماً لهذا المعتقد و كل من يعتقد به)، ثم أرسله إليهم.
و لما رأوا الحرم مكتوباً عليه غضبوا و أرسلوه إلى الملك مركيان الذي غضب و أراد قتل ديوسقوروس، و لكنه إذ أدرك خطورة تنفيذ ذلك عَدَل عنه و اكتفي بنفيه إلى جزيرة غاغرا (على ساحل آسيا الصغرى) حيث مكث بها نحو خمس سنوات يعلّم و يشفي المرضى حتى انتقل إلى عالم المجد سنة 454م، و لقّبته الكنيسة ببَطَل الأرثوذكسية.