الحروب على الكنيسة كتير من الشيطان اللي ساعات بيستخدم ناس من برة الكنيسة ... أو من جواها للأسف
و الكنيسة لما تبقى في عصر مافيهوش اضطهاد أو ضيقات من الخارج، بتبدأ تظهر أفكار غريبة من جوة الكنيسة ضد الإيمان الصحيح
و ده اللي حصل فعلاً بعد نهاية عصر الاستشهاد، ملك قسطنطين البار و اتفتحت الكنائس و مبقاش فيه حرب على الكنيسة
فظهرت بدعة آريوس اللي تصدّى ليها مجمع نيقية و بطل الإيمان أثناسيوس الرسولي
لكن حتى بعد ما استراحت الكنيسة من تلك البدعة الخطيرة، ظهرت بدع تانية ... و كان فيه أبطال إيمان تانيين
مقدونيوس أنكر لاهوت الروح القدس و قال قدام المجمع:
إن الروح القدس عمل إلهي منتشر في الكون، وليس بأقنوم متميز عن الآب والابن، بل هو مخلوق يشبه الملائكة وليس ذو رتبة أسمى منهم
كعادة الهراطقة ... كان سبب الهرطقة دي هو تفسير خاطئ لآيات الكتاب المقدس
مفيش شك إن الإنجيل محيط لا ينتهي التأمل فيه ... و كل واحد له تأملاته ... لكن فيه رموز و عقائد لا تحتمل الشك أو الاجتهادو ده ينبّهنا لأهمية الاعتماد على تفسير الكنيسة للكتاب المقدس (مش كل واحد يفسّر على مزاجه) ... و في الحقيقة الكنيسة هي اللي أفرزت الإنجيل بالروح القدس الساكن فيها
كان مقدونيوس قد استند إلى ما ورد فى إنجيل يوحنا فى قول السيد المسيح عن الروح القدس (في خطاب السيد المسيح الوداعي للتلاميذ في الإصحاحات التس تسمّى إصحاحات البارقليط، و تقرأها الكنيسة في الساعة الأولى من ليلة الجمعة العظيمة):
فسّر مقدونيوس الآيات دي بإن الروح القدس أقل من الابن لأنه يأخذ مما للابن ولأنه لا يتكلم من نفسه ولأنه يشهد للابن
الرد أن الابن أيضاً قال عنه الوحى الإلهى: "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل" (يو 5 : 19)
فهذا المسكين لو قرأ هذه الآية بتمعن لما اعتبر أن عبارة أن الروح القدس "لا يتكلم من نفسه" تؤدى إلى إقلال شأن الروح القدس عن الابن. كما أن كون الابن لا يعمل من نفسه شيئاً لا تقلل الابن عن الآب
فإذا اتبعنا هذه القاعدة التى اتبعها مقدونيوس لأنكرنا ألوهية الابن أيضاً لأنه قال أنه "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل" (يو 5: 19).
و طبعاً ألوهية الابن كانت موضوع مجمع نيقية اللي أفر بألوهية السيد المسيح و أنه مساوي للآب في الجوهر
إن كلاً من العبارتين معناها أن أقنوم الابن وأقنوم الروح القدس لا يعمل الواحد منهما منفصلاً عن الأقنومين الآخرين. فلا الابن يعمل منفصلاً عن الآب والروح القدس، ولا الروح القدس يعمل منفصلاً عن الابن والآب.
إن وحدانية الآب والابن التى قال عنها السيد المسيح أنه هو والآب واحد (يو 10: 30) هى السبب فى أنه لا يقدر أن يعمل من نفسه شيئاً، لأن قدرة واحدة هى للآب والابن والروح القدس.
وأيضاً الروح القدس يأخذ مما للسيد المسيح ويخبرنا ليس لأنه أقل من الابن، كما إدّعى مقدونيوس، بل لكى يؤكد أن المسيح هو رأس الكنيسة. وتكون العطايا والمواهب التى تمنح لنا هى من خلال السيد المسيح، ونكون نحن أعضاء فى جسده الواحد. فالروح القدس كما أنه هو روح الآب فهو أيضاً روح الابن أو روح المسيح كما هو مكتوب.
الروح القدس يأخذ مما للمسيح ويخبرنا، لأن أى إنسان يستطيع أن يدّعى أن الروح القدس يحل عليه، وأنه يأخذ وحياً من الروح القدس. والقديس يوحنا الرسول يقول "لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم. بهذا تعرفون روح الله.كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء فى الجسد فهو من الله" (1يو 4: 1-2).
ونظراً لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم فكيف نعرف الروح القدس الحقيقى (أى روح الله) إلا إذا كان لا يتكلم من نفسه، أى أنه يشهد للمسيح ولا يشهد له فقط بل يشهد الشهادة الحقيقية، أن المسيح هو الابن المولود من الآب قبل كل الدهور.
كما قال القديس يوحنا الإنجيلى فى نفس الرسالة: "ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن فى الحق فى ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية" (يوحنا الأولى 5 : 20) فالروح الذى يشهد لألوهية السيد المسيح ولتجسده من أجل خلاص العالم تكون شهادته هى شهادة حق
هذه هى الأسباب التى جعلت السيد المسيح يعطى تعريفاً محدداً للروح القدس حينما قال: "ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم. كل ما للآب هو لى. لهذا قلت إنه يأخذ مما لى ويخبركم" (يو 16 : 14،15). إذن فهو لا يأخذ فقط مما للابن ويخبرنا بل ويأخذ أيضاً مما للآب ويخبرنا، لأن كل ما للآب هو للابن، لذلك أكمل السيد المسيح قوله وقال: "لهذا قلت أنه يأخذ مما لى ويخبركم".
فيه شواهد كتير في الكتاب المقدس تثبت لاهوت الروح القدس، على سبيل المثال:
الروح القدس أقنوم مساوي في الجوهر (اللاهوت) للآب و الابن لكنه ليس الآب ولا الابن
فقد قال السيد المسيح "ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب" (يو 15 : 26) ... معنى ذلك أن الروح القدس ليس هو الابن
وقال كذلك "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق" (يو 14 : 16، 17). فكلمة "آخر" هنا لا تعنى انفصاله عن الآب أو عن الابن بل تعنى أن له شخصيته الخاصة المتمايزة
إذن الروح القدس ليس طاقة أو قوة، كما يدّعى البعض، بل هو شخص حقيقى يتكلم ويسمع وله ضمير الملكية. فهو أقنوم إلهى واحد فى الجوهر مع الآب والابن
لخّص المجمع ردّه على البدعة في الجملة التالية:
و أصدر المجمع هذه القرارات:الروح القدس أقنوم. فكما أن الابن له شخصيته الحقيقية التى أدركناها حينما جاء لخلاص العالم، فالروح القدس أيضاً له شخصيته الحقيقة التى أدركناها حينما جاء ليقود الكنيسة ويشهد للمسيح ويعمل فى الأسرار.
و فى صلاة التحليل فى القداس الإلهى نأخذ الحل من فم المائة والخمسين المجتمعين فى القسطنطينية على أساس رفضنا لتعليم كل من مقدونيوس وأبوليناريوس وسابيليوس الذين حرمهم الآباء المجتمعين فى هذا المجمع.
الأسقف ده كان ضد بدعة أريوس (اللي أنكر لاهوت السيد المسيح) و دافع جداً عن لاهوت السيد المسيح له المجد
لكن للأسف و هو بيدافع سقط في بدعة شنيعة إذ قال
لاهوت السيد المسيح قد قام مقام الروح الجسدية وتحمل الآلام والصلب والموت مع الجسد
طبعاً ده كلام خاطئ جداً و يتنافى مع عدل الله ... بما إن اللي أخطأ إنسان كامل (جسد و نفس و روح) يبقى لازم اللي يتحمّل العقاب يكون إنسان كامل
و بالتالي لاهوت السيد المسيح لا يلغي روحه الإنسانية
إن الله الكلمة لم يتخذ شخصًا من البشر بل هو نفسه اتخذ طبيعة بشرية كاملة جسدًا محييًا بروح عاقل، وجعل هذا الناسوت خاصًا به جدًا أي جعله في اتحاد طبيعي مع لاهوته
البدعة التانية اللي وقع فيها الأسقف ده إنه اعتقد أيضاً بوجود تفاوت بين الأقانيم فقال:
الروح القدس عظيم والابن أعظم، أما الآب فهو الأعظم
طبعاً بكلامه ده جمع بين بدعة آريوس اللي فسّر تفسير غلط لقول السيد المسيح (أبي أعظم مني) و أنكر لاهوت الابن و بدعة مقدونيوس اللي قال إن الروح القدس من جوهر أقل من الآب و الابن
و زي ما تصدّى لأريوس في مجمع نيقية، تصدى بطل الإيمان القديس أثناسيوس الرسولي للبدعة دي في مجمع مكاني بالإسكندرية سنة 362 م وأظهر فساد هذه البدعة
الأسقف ده قال:
وقد حاول البابا تيموثاوس إقناعه و رد عليه:الثالوث ذاتاً واحدة وأقنوم واحد ... أقنوم واحد ظهر فى العهد القديم كآب ، وصار إنساناً فى العهد الجديد بصفة ابن ، وحل على الرسل فى علية صهيون بصفة الروح القدس
فلم يرجع عن رأيه، فأمر المجمع بتجريدهُ من رتبتهُ، وإظهار فساد بدعتهإذا كان الثالوث أقنوماً واحداً كما زعمت فقد بطل الثالوث وبطلت أيضاً معموديتك لأنها باسم الآب والابن والروح القدس ، ويكون على زعمك أن الثالوث الأقدس تألم ومات ، وبطل قول الإنجيل أن الابن كان قائماً فى الأردن والروح القدس نازلاً عليه شبه حمامة والآب يناديه من السماء